أثار ما وصفه التلفزيون العمومي الجزائري بـ"تصعيد إعلامي خطير" من بعض وسائل الإعلام الإماراتية موجة من الاستياء، معتبرًا أن هذا الخطاب يتجاوز كل الخطوط الحمراء في ما يتعلق بوحدة الشعب الجزائري وهويته العريقة.
وجاء في البيان الرسمي أن التصعيد الإعلامي الأخير لا يمكن اعتباره مجرد تجاوز إعلامي، بل هو استهداف واضح لثوابت الشعب الجزائري، ومحاولة للتشكيك في تاريخه الممتد وجذوره العميقة في مقاومة الاستعمار وبناء الدولة الوطنية. وأضاف المصدر أن "الطعن في وحدة الجزائريين لا يُعدّ فقط إساءة إعلامية، بل عدوانًا صريحًا يمس القيم الوطنية والسيادة والمصير المشترك".
وأكد التلفزيون العمومي أن هذه الحملة الإعلامية تهدف إلى بث الفتنة وترويج خطاب من شأنه زعزعة استقرار المجتمع، في وقت تمر فيه الجزائر بمرحلة هامة من التحول الاقتصادي والمؤسساتي. وتابع البيان: "الجزائر لن تسمح بأي مساس بثوابتها، ولن تتهاون أمام أي استفزاز يطال هويتها الوطنية".
سياق العلاقات الجزائرية الإماراتية
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات الجزائرية الإماراتية مرّت بمراحل متباينة خلال العقود الماضية، حيث شهدت فترات من التعاون الاقتصادي والاستثماري، لكن سرعان ما شابها التوتر بسبب تباين المواقف إزاء ملفات إقليمية حساسة، أبرزها الملف الليبي والدور الإقليمي الذي تسعى كل دولة للعبه وفق رؤيتها الخاصة.
وتُرجمت هذه التوترات في أكثر من مناسبة من خلال تغطيات إعلامية حادة صدرت عن بعض الوسائل الإماراتية، والتي يعتبرها الجانب الجزائري منحازة وغير مهنية. وفي السياق ذاته، يرى محللون أن "هذا النوع من التصعيد يعكس تحولات في موازين القوى الإقليمية، ومحاولات للتأثير على الرأي العام في دول المنطقة عبر أدوات إعلامية مكشوفة".
ردّ الجزائر واستحضار التاريخ الوطني
البيان أشار إلى أن الجزائر، التي دفعت ثمن استقلالها ملايين الشهداء، ليست مستعدة لتجاهل أي محاولة للنيل من رموزها أو من تلاحم شعبها. وأكد أن "من يسعى لتشويه صورة الجزائر إنما يستهدف استقرارها ومسيرتها التنموية، ويعكس حالة من القلق إزاء مكانتها المتصاعدة في إفريقيا والمنطقة".
وفي إشارة رمزية، قال البيان إن "الجزائر لن تبكي على أطلال الدعم والمواقف التي قدمتها سابقًا لبعض الأطراف، لكنها ستردّ بما يليق بمكانتها وتاريخها، كما تفعل الشعوب الحرة التي تعرف كيف تدافع عن كرامتها دون الانجرار وراء الفتن".
آراء وتحليلات لخبراء في الشأن السياسي
يرى الدكتور عبد القادر بالعالية، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أن التصعيد الإعلامي الأخير ليس معزولًا، بل يأتي في سياق "تحولات إقليمية تشهد فيها الجزائر نوعًا من إعادة التموقع الاستراتيجي، وهو ما يُقلق بعض الأطراف التي تسعى للحفاظ على نفوذها الإعلامي والسياسي".
وأضاف في تصريح خصّ به موقع "التحليل السياسي المغاربي" أن "محاولة بعض وسائل الإعلام اللعب على وتر الهويات الوطنية هدفه تفكيك التماسك الاجتماعي وزرع الشك في المؤسسات، وهو تكتيك قديم جديد يُستخدم حينما تفشل وسائل الضغط الدبلوماسي التقليدي".
من جهته، يؤكد المحلل الإعلامي ياسين زروقي أن "الخطاب الإعلامي الجزائري الرسمي جاء حازمًا لكنه متزن، وحرص على توجيه رسائل واضحة دون الانزلاق في الخطاب العدائي، ما يُظهر النضج المؤسسي في التعامل مع الأزمات الإعلامية".