من هي مجموعة "DDPF"؟ : هجمات تخربية غامضة تستهدف السجون الفرنسية

groupe-ddpf-prison-france

من هي مجموعة "DDPF"؟ تصاعد الهجمات ضد السجون الفرنسية وسط مخاوف أمنية متزايدة

تشهد فرنسا منذ الأحد الماضي سلسلة من الاعتداءات الغامضة والمتكررة استهدفت منشآت ومحيط عدد من المؤسسات السجنية في مناطق متعددة، ما دفع السلطات إلى رفع مستوى التأهب الأمني، فيما باشرت النيابة العامة الوطنية للتحقيق في الحوادث.

موجة هجمات ليلية تستهدف السجون

في تطور غير مسبوق، سُجلت خلال الأيام الأخيرة عدة اعتداءات، شملت إضرام النيران عمدًا في مركبات ومداخل مساكن موظفي السجون، بالإضافة إلى إطلاق نار مباشر على بعض المنشآت العقابية. وقد تواصلت هذه الهجمات لثلاث ليالٍ متتالية، ما أثار مخاوف جدية بشأن دوافعها وهوية منفذيها.

ليل الثلاثاء-الأربعاء، اشتعلت ثلاث سيارات في موقف تابع لمركز الاحتجاز بمدينة تاراسكون جنوب فرنسا، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام فرنسية. وفي نفس الليلة، اندلع حريق آخر عند مدخل مبنى يسكنه أحد حراس سجن في منطقة سين آت مارن، مما زاد من حدة القلق في أوساط الأمن والسجون.

ظهور جماعة DDPF: من هم؟

في سياق تصاعد هذه الهجمات، ظهرت على السطح مجموعة تُطلق على نفسها اسم "DDPF"، وهي اختصار لعبارة Défense des Détenus et Prisonniers Français (الدفاع عن السجناء والمعتقلين الفرنسيين). نشأت هذه المجموعة بشكل علني على تطبيق تيليغرام، حيث بدأت منذ 13 أفريل بنشر مقاطع ومنشورات تزعم فيها مسؤوليتها عن بعض الاعتداءات التي طالت منشآت سجنية.

وفي بيان نُشر عبر القناة التي تم لاحقًا حذفها بطلب من السلطات القضائية، كتبت المجموعة: "نحن هنا للدفاع عن حقوق الإنسان داخل المعتقلات". كما وجهت نداءً مباشرًا لحراس السجون تطالبهم فيه بالاستقالة و"العودة إلى عائلاتهم قبل فوات الأوان".

أعمال متزامنة تثير القلق

الهجمات لم تتوقف عند حدود الحرق، بل شملت إطلاق نار على سجن تولون-لا فارليد، إضافة إلى عمليات استهداف لسيارات تابعة لإدارة السجون في كل من نانتير، فالانس، ولوين، حيث أقدم مجهول يقود دراجة نارية على إشعال النيران في مركبات رسمية كانت مركونة أمام المؤسسات السجنية.

أما في مدينة آجان، فقد أُحرقت سبع مركبات بموقف سيارات تابع للمدرسة الوطنية لإدارة السجون، ما يعكس تنسيقًا واضحًا خلف هذه العمليات.

التحقيقات تزداد عمقًا

أمام هذه التطورات الخطيرة، أعلنت النيابة العامة للتحقيق في الحوادث فتح تحقيق شامل، يشمل طبيعة الهجمات، الجهات المحتملة التي تقف خلفها، وما إذا كانت هناك دوافع سياسية أو تنظيمية تؤثر على الأمن العام.

علاقات محتملة مع شبكات إجرامية دولية

في خضم التحقيقات الجارية، بدأت بعض الجهات الإعلامية تتحدث عن احتمال وجود روابط غير مباشرة بين بعض الحوادث الأخيرة وشبكات إجرامية عابرة للحدود. من بين هذه الاحتمالات، أشارت تقارير إلى أن بعض المجموعات الإجرامية المنظمة مثل "المافيا" قد تكون قد تأثرت بالأحداث الحالية، مما يعزز فكرة وجود تنسيق خارجي قد يكون له تأثير على أمن السجون الفرنسية. ومع أن السلطات لم تؤكد رسميًا وجود صلات مباشرة بين DDPF وهذه المجموعات، فإن طبيعة العمليات وتزامنها يفتحان الباب أمام فرضيات متعددة تتعلق بتأثير جهات خارجية.

علاقة محتملة مع اليسار المتطرف (Ultragauche)

وفقًا للتحقيقات، هناك احتمال كبير بأن تكون الهجمات منسقة من قبل مجموعة أو حركة تنتمي إلى التيارات اليسارية الراديكالية المعروفة بالـ "اليسار المتطرف" (Ultragauche). تشير الأساليب المتبعة في الهجمات والتنسيق العالي بين العمليات إلى أن هذه الهجمات قد تكون مدفوعة بأيديولوجية متطرفة تهدف إلى نشر الرعب أو تخويف السلطات. تُعتبر هذه الهجمات جزءًا من الأنشطة التي قد تهدد الاستقرار العام وقد تندرج ضمن أعمال تهدف إلى إثارة الاضطرابات الأمنية.

رد حكومي حازم

وفي أول رد فعل رسمي، وصف وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين الاعتداءات بـ"أعمال تهدف إلى زعزعة الاستقرار"، مؤكدًا أن الحكومة لن تتراجع عن حملتها لتطهير السجون من شبكات الجريمة المنظمة.

وقال خلال زيارته لسجن "تولون-لا فارليد": "لا أعلم إن كانت هذه الاعتداءات مرتبطة مباشرة بحملتنا، لكن الدولة الفرنسية لن ترضخ للتهديدات".

خلفيات الأزمة داخل السجون الفرنسية

تأتي هذه الأحداث في وقت حساس تعمل فيه الحكومة الفرنسية على إصلاح المنظومة العقابية، التي لطالما وُجهت إليها انتقادات من منظمات حقوقية بسبب الاكتظاظ، ضعف البنية التحتية، ونقص الخدمات الطبية والنفسية للسجناء.

ويبدو أن مجموعة DDPF تحاول استغلال هذا السياق لتمرير رسائلها، مستخدمة أساليب توصف بأنها غير قانونية، وهو ما وضعها في مرمى التحقيقات، رغم تأكيدها على الطابع "الإنساني" لمطالبها.

هل تمثل DDPF تهديدًا طويل الأمد؟

رغم محدودية المعلومات المتوفرة حول الهيكل التنظيمي للمجموعة، إلا أن التنسيق العالي بين الهجمات، وتبنيها العلني لبعض العمليات، يشير إلى أنها قد تشكل تحديًا أمنيًا متزايدًا في المرحلة المقبلة، خصوصًا إذا ما تلقت دعمًا أو تعاطفًا من جهات داخلية أو خارجية.

الخاتمة

لا تزال دوافع مجموعة DDPF محط تساؤلات واسعة، فبينما تدّعي الدفاع عن السجناء وحقوقهم، فإن الأساليب التي تنتهجها تُثير مخاوف مشروعة بشأن استغلال القضايا الاجتماعية والحقوقية لتنفيذ أعمال تضر بالأمن العام.

وفي انتظار نتائج التحقيقات الرسمية، يبقى المشهد معقدًا، حيث تتقاطع فيه قضايا العدالة الجنائية، وحقوق الإنسان، والتحديات الأمنية في واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ النظام السجني الفرنسي.

المصدر: buzznewstunisia.net

أحدث أقدم

نموذج الاتصال