فقدت الساحة الثقافية التونسية والعربية اليوم الأربعاء أحد أبرز رموزها، المخرج والمسرحي الكبير أنور الشعافي، الذي وافته المنية بعد معاناة طويلة مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا مسرحيًا غنيًا ومسيرة فنية استثنائية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.
بدأ أنور الشعافي مسيرته المسرحية سنة 1988 بعد تخرجه من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس، حيث عُرف منذ بداياته برؤيته التجريبية الجريئة ونقده للسائد والمألوف في المشهد المسرحي. كانت أولى خطواته المميزة تأسيسه فرقة مسرح التجريب بمدنين سنة 1989، وهي تجربة فتحت آفاقًا جديدة للمسرح في الجنوب التونسي. ومن أبرز إنجازاته أيضًا إطلاق المهرجان الوطني لمسرح التجريب سنة 1992، الذي شكّل فضاءً هامًا للمواهب الشابة والابتكار المسرحي خارج المركزية الثقافية.
تقلّد الشعافي عدة مناصب ثقافية مهمة، أبرزها تأسيس وإدارة مركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين سنة 2011، ثم توليه إدارة المسرح الوطني التونسي من 2011 إلى 2014، حيث ساهم في دعم الإنتاج المسرحي وتعزيز الحضور التونسي في المهرجانات الدولية.
وخلال مسيرته، أخرج الشعافي أكثر من 20 عملاً مسرحيًا تركت بصمة واضحة في تطور المسرح التونسي، من بينها: "رقصة السرو" (1991)، "عود رمان" (1993)، "ترى ما رأيت" (2011)، "أولا تكون" (2016)، "هوامش على شريط الذاكرة" (2019)، و*"كابوس أينشتاين"*، التي لا تزال تُعرض إلى اليوم وتحظى بإقبال واسع.
رحيل أنور الشعافي يشكّل خسارة كبيرة للساحة الثقافية، حيث كان من الأصوات المبدعة التي آمنت بقوة المسرح كوسيلة للتغيير وطرح الأسئلة. تغمده الله بواسع رحمته، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.