صدر في العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، القانون الأساسي عدد 9 لسنة 2025، المؤرخ في 21 ماي 2025، والذي يتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة في سوق العمل التونسية. ويُعد هذا القانون من أبرز النصوص التشريعية التي تم إقرارها خلال السنوات الأخيرة في مجال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، حيث يهدف إلى ضمان مزيد من الحماية للعمال والحد من أشكال التشغيل الهشّ التي لطالما أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط النقابية والسياسية.
وقد صادق مجلس نواب الشعب على هذا القانون خلال جلسة عامة انعقدت يوم الثلاثاء 20 ماي 2025، واستمرت حتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء 21 ماي، وسط نقاشات مطوّلة بين النواب حول تداعيات القانون على سوق العمل وأصحاب المؤسسات.
ويُعنى هذا القانون بتنظيم العلاقة الشغلية بين المؤجّر والأجير، من خلال وضع إطار قانوني واضح لعقود الشغل، يمنع اللجوء إلى المناولة أو "الاستغلال عبر وسطاء"، وهي ممارسة كانت تُعتبر في السابق بابًا للتفصّي من الواجبات القانونية تجاه العمال.
كما يشدد القانون الجديد على ضرورة احترام شروط التعاقد المباشر بين المؤسسات والعاملين بها، ويُلزم المؤجّرين بتوفير بيئة عمل قانونية ومستقرة، تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان في مجال الشغل.
هذا وقد لقي القانون ترحيبًا واسعًا من قبل عدد من مكونات المجتمع المدني والمنظمات النقابية، على رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي طالما دعا إلى إلغاء المناولة باعتبارها شكلاً من أشكال التهميش وضربًا لاستقرار الشغل.
في المقابل، أبدى بعض أصحاب المؤسسات تخوّفهم من تأثيرات القانون على مرونة التشغيل، خاصة في بعض القطاعات الحساسة كالصناعة والخدمات، مطالبين بتوضيحات من الحكومة حول آليات التطبيق والرقابة.
ويمثل هذا القانون خطوة جديدة نحو إصلاح المنظومة القانونية للعمل في تونس، ويُنتظر أن يُحدث تحولات هامة في علاقة العمل داخل المؤسسات، بما يكرّس مبدأ العدالة الاجتماعية ويحفظ كرامة الأجراء.
ملخص قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة (قانون عدد 9 لسنة 2025):
منع المناولة بصفة نهائية:
يمنع القانون بشكل صريح تشغيل الأجراء عن طريق وسطاء أو شركات مناولة، باستثناء بعض الحالات المحددة التي تخضع لترخيص خاص وظرفي من الدولة.
التعاقد المباشر:
يُلزم القانون أصحاب المؤسسات بإبرام عقود شغل مباشرة مع العاملين، مع ضمان حقوقهم كاملة من تأجير، تغطية اجتماعية، وحماية قانونية.
إلغاء الاستثناءات السابقة:
تم إلغاء النصوص السابقة التي كانت تسمح للمؤسسات بتوظيف عمال من خلال شركات خدمات أو مناولة، والتي كثيرًا ما كانت تستغل هذه الصيغة لتقليص كلفة التشغيل.
تسوية الوضعيات الحالية:
يمنح القانون فترة انتقالية لتسوية وضعيات العمال الذين تم تشغيلهم عبر المناولة، ويُلزم المؤسسات بدمجهم وفق شروط محددة، مع أولوية الانتداب المباشر.
رقابة وتتبّع:
ينص القانون على إنشاء آلية رقابية جديدة تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، تتولى متابعة تطبيق القانون والتدخل عند تسجيل تجاوزات.
عقوبات صارمة:
يُسلّط القانون عقوبات مالية وإدارية على المؤسسات المخالفة، تشمل الخطايا، والمنع من المشاركة في الصفقات العمومية، بالإضافة إلى إمكانية غلق المؤسسات في حالات الخرق المتكرر.
المصدر: buzznewstunisia.net