سجلت معدلات الطلاق في تونس ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث تم تسجيل نحو 14 ألف حالة طلاق سنويًا منذ عام 2020، بمعدل 46 حالة يوميًا، ما يعد رقمًا مرتفعًا يثير القلق بشأن استقرار العلاقات الأسرية في المجتمع التونسي. هذا الارتفاع في حالات الطلاق يشير إلى وجود مشاكل عميقة تؤثر على الحياة الزوجية وأسس الاستقرار الأسري.
وفي تصريح لها لإذاعة "إكسبرس"، أكدت المحامية مريم اللواتي أن هذه الأرقام "مفزعة" لأنها تنعكس بشكل مباشر على النواة الأولى للمجتمع، وهي الأسرة، التي تعد اللبنة الأساسية لبناء المجتمع. وأضافت اللواتي أن تزايد حالات الطلاق له تأثيرات كبيرة على جميع أفراد الأسرة، خاصة على الأطفال الذين يتأثرون نفسيًا وعاطفيًا جراء تفكك الأسر.
العوامل الرئيسية المؤدية للطلاق
وأوضحت المحامية مريم اللواتي أن هناك عدة عوامل اجتماعية واقتصادية تساهم بشكل كبير في تزايد حالات الطلاق في تونس، أهمها:
الخلافات ذات الطابع المادي: حيث يعاني الأزواج من صعوبات اقتصادية قد تؤدي إلى تفاقم الخلافات الزوجية. هذه الخلافات قد تتعلق بمسائل مثل إدارة المال، والديون، والإنفاق الزائد، مما يؤدي إلى زيادة التوترات داخل العلاقة.
اختلاف الجنسيات في بعض الزيجات: مع تزايد ظاهرة الزيجات بين التونسيين وأشخاص من جنسيات مختلفة، قد تطرأ اختلافات ثقافية ودينية تؤدي إلى عدم التفاهم وفشل العلاقات.
-
ضعف التواصل بين الأزواج: مما يؤدي إلى تراكم الخلافات التي قد تتفاقم بسبب غياب الحوار البناء والتفاهم بين الزوجين، وهو ما يساهم في انهيار العلاقة الزوجية على المدى الطويل.
القانون التونسي ونظام النفقة
فيما يخص الإجراءات القانونية المتعلقة بالطلاق، أشارت اللواتي إلى أن القانون التونسي يوفر مجموعة من الحقوق والتشريعات التي تهدف إلى تنظيم العلاقات الأسرية بعد الطلاق، بما في ذلك تحديد نفقة الزوجة والأبناء. ويحدد القانون حقوق الحضانة، والزيارة، والتي تساهم في تسهيل تنظيم العلاقة بين الزوجين بعد الانفصال.
وأضافت المحامية أن النفقة تُعتبر جزءًا أساسيًا من حقوق الزوجة والأبناء بعد الطلاق، حيث يشمل القانون التونسي تنظيمًا دقيقًا لتحديد المبالغ المقررة لكل من الزوجة والأبناء، بما يضمن توفير احتياجاتهم الأساسية.
الآثار النفسية والاجتماعية للطلاق
من جهة أخرى، أكدت اللواتي أن الطلاق لا يؤثر فقط على الزوجين، بل يمتد تأثيره ليشمل الأبناء الذين قد يعانون من الاضطرابات النفسية جراء فقدان الاستقرار الأسري. وقد أظهرت دراسات نفسية أن الأطفال في الأسر التي تمر بتجربة الطلاق قد يواجهون تحديات في التكيف الاجتماعي والتعليم، وقد يواجهون مشاكل في العلاقات المستقبلية.
دور المجتمع في الحد من الطلاق
في سياق آخر، أكدت اللواتي أن المجتمع التونسي يجب أن يعزز من ثقافة التواصل والحوار الأسري، بالإضافة إلى تقديم دعم نفسي للأزواج الذين يعانون من مشاكل في علاقاتهم الزوجية، وذلك عبر برامج التوعية والإرشاد. يمكن أن يلعب المجتمع المدني والمراكز الاجتماعية دورًا محوريًا في مساعدة الأزواج على حل خلافاتهم قبل أن تتفاقم.
تشير هذه الإحصائيات والتحليلات إلى أن حالات الطلاق في تونس تزداد بوتيرة ملحوظة، مما يتطلب التدخل الفوري من الجهات المعنية والمجتمع المدني لتقديم الدعم للأسر من أجل تقليل هذه الظاهرة التي تؤثر على استقرار المجتمع بشكل عام.