تقدّم عدد من أعضاء البرلمان التونسي بمبادرة تشريعية هامة تهدف إلى تنقيح القانون عدد 52 لسنة 1992 المتعلق بمكافحة جرائم المـ _.ـخدرات، وهو القانون الذي يعدّ أحد الأسس القانونية الرئيسية في مكافحة ظاهرة المـ _.ـخدرات في البلاد. وتشمل المبادرة تنقيح 17 فصلاً من القانون، في خطوة لزيادة فعالية الرد على جرائم المـ _.ـخدرات وتكييف العقوبات مع تطورات الواقع الاجتماعي والأمني في تونس.
التعديلات المقترحة في المبادرة التشريعية
في تصريحات إعلامية لها، أفادت النائب بالبرلمان فاطمي المسدي، في مداخلة مع إذاعة "إكسبرس" يوم أمس الجمعة، أن التعديلات المقترحة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الردع الاجتماعي والتخفيف من معاناة المدمنين. وأكدت أن التعديلات تشمل:
-
تخفيف العقوبات على مستهلكي المـ _.ـخدرات: من خلال تقليص فترة السجن المقررة للمستهلكين من سنة إلى 6 أشهر، بهدف توفير فرصة أكبر لإعادة تأهيل المدمنين، بدلاً من تقديمهم كـ "مجرمين" فقط، وهو ما يفتح المجال لتقليص الضغط على السجون والتوجه نحو إصلاحات تأهيلية.
-
تشديد العقوبات على تجار المـ _.ـخدرات: على عكس ما تم تقليصه للمستهلكين، فإن التعديلات تتضمن تشديد العقوبات على المتاجرين في المـ _.ـخدرات، حيث قد تصل عقوبة السجن إلى 20 سنة مع غرامة مالية قدرها 50 ألف دينار. هذا التشديد يهدف إلى تكثيف الجهود لمكافحة شبكات تجارة المـ _.ـخدرات التي تهدد المجتمع.
-
فرض اختبار إلزامي على المتهمين بتعاطي المـ _.ـخدرات: المادة 12 من القانون لم تمسّها التعديلات، ولكن تم إدخال اختبار إلزامي على المتهمين بتعاطي المـ _.ـخدرات، ما يساهم في تحسين الإجراءات القانونية والتأكد من صحة اتهامات الاستهلاك.
-
تعديلات تهدف إلى حماية الفئات الضعيفة: تشمل التعديلات فرض عقوبات أشد على المتاجرين بالمـ _.ـخدرات بالقرب من المدارس أو على أولئك الذين يستهدفون القاصرين، بهدف تعزيز حماية الفئات الضعيفة في المجتمع. يهدف هذا التعديل إلى حماية الأطفال والمراهقين من الوقوع في براثن المـ _.ـخدرات التي يمكن أن تضرّ بمستقبلهم.
-
مكافحة المحتوى المشجع على تعاطي المـ _.ـخدرات: يشمل القانون الجديد فرض عقوبات على نشر محتوى يشجّع على تعاطي المـ _.ـخدرات، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة للحد من تأثير المروجين للمخدرات على الشباب والمراهقين.
أسباب المبادرة التشريعية وأهدافها
تشهد تونس في السنوات الأخيرة ارتفاعًا في حالات تعاطي المـ _.ـخدرات، خاصة بين فئة الشباب، وهو ما أثار قلقًا لدى المشرعين حول تأثير هذه الظاهرة على استقرار المجتمع. تهدف هذه المبادرة التشريعية إلى تقليص انتشار المـ _.ـخدرات، حماية الشباب، وتوفير برامج تأهيلية أكثر فعالية للمستهلكين، وفي ذات الوقت، تطبيق عقوبات قاسية على المتاجرين، الذين يمثلون تهديدًا أكبر للمجتمع.
الآراء والتوقعات
وأشارت فاطمي المسدي إلى أن مبادرة تنقيح القانون تأتي في سياق محاولة إيجاد حلول شاملة لمكافحة المـ _.ـخدرات، دون تحميل الأفراد من المستهلكين عبء العقوبات المبالغ فيها، مما يساهم في إعادة تأهيلهم بدلًا من فرض السجون عليهم. من جانب آخر، يعتقد بعض المراقبين أن هذه التعديلات تمثل خطوة نحو تحديث المنظومة القانونية التونسية وتكييفها مع الواقع المتغير للظاهرة.
من المتوقع أن تثير هذه المبادرة جدلاً واسعًا في أوساط المجتمع المدني، خاصة في ظل الأبعاد الإنسانية والقانونية التي تطرأ من وراء تخفيف العقوبات على مستهلكي المـ _.ـخدرات. في المقابل، يشدد المشرّعون على أن التصدي لظاهرة المـ _.ـخدرات يتطلب استراتيجيات متكاملة تشمل الوقاية، العلاج، والمراقبة القانونية الصارمة للتجارة في المـ _.ـخدرات.
تظل هذه المبادرة قيد المناقشة والتطوير في مجلس نواب الشعب، وقد يتم تعديل بعض جوانبها بناء على الاقتراحات التي ستطرح في الجلسات القادمة.