من هو فيرغي تشامبرز
أصبح فيرغي تشامبرز، المقيم في تونس منذ عدة أشهر، واحدًا من أبرز الأسماء في الساحة الرياضية التونسية، خاصة فيما يتعلق بنادي الإفريقي. يعتبر هذا الاسم، رغم كونه مرتبطًا بأحد أعرق الأندية التونسية، جزءًا من الظاهرة الاجتماعية التي تميز جمهور هذا النادي. الجمهور الذي يمتاز بخصوصيته وحماسه المفرط، أصبح في الآونة الأخيرة أكثر تفاعلًا مع هذا المستثمر الأمريكي الشاب، الذي أثار الكثير من الجدل بسبب خلفيته الفكرية وفلسفته السياسية.
تشامبرز، الذي نشأ في عائلة أمريكية ضخمة ماليةً وسياسيًا، كان في البداية رجل أعمال يدير إمبراطورية إعلامية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. ولكن قرر أن ينفصل عن هذه الحياة الرفاهية ليختار طريقًا مختلفًا تمامًا. فعلى الرغم من خلفيته التي تدعمه ماديًا، فإن اهتمامه في عالم الرياضة، وخاصة في الاستثمار في النادي الإفريقي، يعكس تحولًا جذريًا في حياته.
هذا الشاب البالغ من العمر 39 عامًا هو حفيد جيمس ميدلتون كوكس، السياسي الأمريكي البارز، الذي أسس إمبراطورية إعلامية ضخمة، لكنه اختار التمرد على هذه الثروة والارتباط بمشروع ثوري خاص به. تميّزت حياته بالكثير من التحديات النفسية، التي قادته إلى معاناة طويلة مع الإدمان، ليجد نفسه في النهاية في مرحلة نضجٍ فكري، حيث اعتنق الأفكار الشيوعية وثار ضد النظام الرأسمالي الليبرالي الذي نشأ فيه. وقد كان هذا التحول جزءًا من رحلة طويلة لم يكن فيها فيرغي بعيدًا عن النزاعات الفكرية والسياسية في مجتمعه.
توجهه إلى تونس كان جزءًا من سعيه للانخراط في حركة "الجنوب العالمي" المناهضة للرأسمالية. فبينما كانت الثورة في تونس قد خابت آمال العديد من الشعب التونسي وجماهير النادي الإفريقي في إحداث "ثورة" رياضية تعيد الفريق إلى سابق مجده، اختار فيرغي أن يكون جزءًا من هذا المجتمع. في رسالة له على منصة X في 2 يوليو 2023، أكد تشامبرز أنه استثمر بشكل فردي في النادي الإفريقي، وأنه لا علاقة له بشركة "كوكس إنترپرایزز"، وهي الإمبراطورية الإعلامية العائلية.
بيد أن تساؤلات عدة أثيرت حول دوافعه للاستثمار في نادي كرة القدم التونسي، وهو الذي كان بالإمكان أن يستثمر أمواله في أماكن أكثر ربحية وتطورًا. فحتى مع وجود تاريخ طويل ومشرف للنادي الإفريقي، إلا أن واقع كرة القدم التونسية يعاني من بنية تحتية ضعيفة، فساد، وصراعات سياسية ورياضية. فما الذي دفعه إلى المخاطرة بهذا الاستثمار في هذا السياق المعقد؟
فيرغي تشامبرز لم يكن فقط مجرد رجل أعمال، بل كان له تاريخ نضالي طويل في الحركة السياسية المعادية للرأسمالية. من خلال دعمه لحركات مثل "احتلال وول ستريت" ومشاركته في الاحتجاجات ضد قمع الشرطة في الولايات المتحدة، بدأ يُعرف بشخصية ثورية، ساعيًا إلى التغيير الاجتماعي والسياسي. ففي تونس، يرى أن فرصة التغيير السياسي يمكن أن تتجسد من خلال الرياضة، حيث يمكن للنادي الإفريقي أن يكون نموذجًا لمقاومة النظام الرأسمالي الفاسد.
لقد اختار فيرغي هذا الفريق تحديدًا لأن النادي الإفريقي كان دائمًا رمزًا للمقاومة والطبقات الشعبية في تونس. تأسس النادي في عام 1920، وكان له دور كبير في مقاومة الاستعمار الفرنسي، وأصبح رمزًا للشعب التونسي، حيث اجتمع حوله جمهور ملتزم ومحب لهذا النادي رغم الأزمات المالية والإدارية التي مر بها في السنوات الأخيرة.
يتواجد فيرغي الآن في قلب هذا المشهد الرياضي والاجتماعي، وهو لا يقتصر في دعمه على تمويل النادي فقط، بل يسعى لتطوير الرياضة في تونس بشكل عام. وهو يخطط لإنشاء شركة لتطوير الرياضة المحلية، مستغلاً علاقاته وتجاربه الشخصية ليكون جزءًا من تحرك جديد في الوسط الرياضي التونسي. وفي الوقت ذاته، يواصل تفاعلًا مكثفًا مع جمهور النادي، الذي أصبح يشاهده في المباريات والفعاليات الاجتماعية، حيث يشاركهم حماستهم ويعبر عن حبه للنادي والثقافة التونسية.
بالإضافة إلى ذلك، فيرغي يعمل على تعزيز اندماجه في المجتمع التونسي، مستعينًا بالثقافة المحلية. يحرص على ارتداء الملابس التقليدية وينشر صورًا لمغامراته بين الشواطئ والمقاهي الشعبية، معبرًا عن تقديره لروح المقاومة والإرادة الشعبية في تونس.
إن هذه القصة تشير إلى أن فيرغي تشامبرز لا يسعى فقط للاستثمار في الرياضة، بل يريد أن يكون جزءًا من تغيير أعمق في المجتمع التونسي. قد تكون هذه التجربة هي بداية لفهم كيف يمكن للرياضة أن تكون أداة فعّالة في إحداث التغيير الاجتماعي والسياسي في البلدان التي تعاني من تحديات كبيرة.