تمكنت الشابة التونسية الطموحة، جودة جاب الله، أصيلة مدينة المزونة التابعة لولاية سيدي بوزيد، من تحقيق حلمها في مجال الفلاحة بفضل مثابرتها وإصرارها على النجاح، لتصبح نموذجًا للمرأة الريفية المثابرة والمستقلة في تونس. وبإمكاناتها البسيطة، استطاعت أن تصنع مكانًا لها في هذا المجال، متحدية كل التحديات والصعوبات التي واجهتها.
جودة، التي أظهرت شغفًا كبيرًا بالمجال الفلاحي، آمنت بآفاقه المستقبلية واختارت الاستثمار في زراعة الخضروات وتربية المواشي. ورغم التحديات الكبيرة، بما في ذلك الظروف الصعبة التي تحيط بها من نقص في الموارد وغياب الدعم الكافي، فإنها لم تتراجع بل عكفت على بناء مشروعها الخاص الذي أصبح الآن يشكل مصدر رزق لها ولعائلتها.
ورغم أن مهنة الرعي تظل تقليديًا مقتصرة على الرجال بسبب مشقتها ومخاطرها، اختارت جودة هذه المهنة عن قناعة وإيمان بقيمتها، لتثبت أن المرأة قادرة على كسر الحواجز والمضي قدمًا في مجالات كانت في الماضي محصورة في أيدي الرجال فقط. بل وأكثر من ذلك، تعتبر جودة أن هذه المهنة تُعطيها قوة داخلية وإرادة لا مثيل لها، ولا ترى في ذلك أي تقليل من "أنوثتها". بالعكس، ترى في ذلك فخرًا يعزز من شخصيتها وقيمتها.
نجمة على تيكتوك:
ومؤخرًا، أصبحت جودة جاب الله نجمة على تيكتوك بفضل مقاطع الفيديو التي تنشرها من أمام الخيمة التي تقطن بها خلال موسم جني الزيتون. هذه المقاطع لاقت تفاعلًا كبيرًا من قبل التونسيين، الذين أشادوا بحبها للعمل الفلاحي وجديتها في إنجازه. تعليق أحد المتابعين جاء ليصفها كـ"فلاحة تخدم في الزيتون، تنقلت من جرجيس لقابس لصفاقس"، مؤكدين أن نجاحها لم يكن مصادفة بل نتيجة جدها وإصرارها على تقديم محتوى يعكس حياة الريف التونسي وتحدياتها اليومية.
وقد أضاف المتابعون: "محتواها يُظهر حياة البنت الريفية، يومياتها، وتنقلاتها بين القرى لجمع الزيتون"، مؤكدين أن ظهورها في بثوث مباشرة في الليل من الزيوت بعد يوم طويل من العمل في الأرض، وسط ملابس بسيطة وقشابية، جعلت منها شخصية محبوبة. فهي تظهر بكل ثقة في النفس، بما في ذلك يديها المتورمتين من العمل، وأسلوبها الذي يعكس قوتها الداخلية وشجاعتها، حيث لا تمانع في استخدام حياتها اليومية كمثال واقعي للإصرار والعمل الجاد.
جودة جاب الله ليست فقط مثالًا للمرأة الريفية الطموحة في تونس، بل هي أيضًا رمز للقدرة على التغلب على الصعاب وتحقيق النجاح في ظل الظروف الصعبة. وبفضل حضورها الواضح على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت مصدر إلهام للكثير من الشابات في تونس وخارجها.